اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 21
انفاق الفواضل منه
وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ ينقادون ويمتثلون بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ من الكتاب الجامع اسرار جميع ما انزل من الكتب السالفة على الوجه الأحسن الأبلغ ومن السنن والأخلاق الملهمة إليك وَمع ذلك يعتقدون صريحا ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ من الكتب المنزلة على الأنبياء الماضين وَمع الايمان بجميع الكتب المنزلة وان كان كل كتاب متضمنا للايمان بالنشأة الآخرة بل هو المقصد الأقصى من جميعها بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ أفردها بالذكر اهتماما بشأنها لكثرة المرتابين فيها
وبالجملة أُولئِكَ المؤمنون المعتقدون بجميع الكتب المنزلة على الرسل والموقنون المذعنون بالنشأة الآخرة خاصة عَلى هُدىً عظيم مِنْ رَبِّهِمْ الذي رباهم بأنواع اللطف والكرم الى ان يبلغوا الى هذه المرتبة التي هي الاهتداء الى جناب قدسه وَمع ذلك الجزاء العظيم والنفع الجسيم أُولئِكَ السعداء المقبولون هُمُ الْمُفْلِحُونَ الفائزون الى فضاء الوجوب الناجون عن مضائق الإمكان رزقنا الله النجاة عنه والوصول اليه
ثم قال سبحانه على مقتضى سنته السنية في كتابه هذا من تعقيب الوعد بالوعيد إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اى ستروا الحق واعرضوا عنه وأظهروا الباطل وأصروا عليه عنادا واستكبارا لا ينفعهم إنذارك يا أكمل الرسل وعدمه بل سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ بك وبكتابك
لأنهم قد خَتَمَ اللَّهُ المحيط بذواتهم واوصافهم وأفعالهم عَلى قُلُوبِهِمْ كيلا يكونوا من ارباب المكاشفة وَعَلى سَمْعِهِمْ كيلا يصيروا من اصحاب المجاهدة وَعَلى أَبْصارِهِمْ كيلا يكونوا من ارباب المشاهدة غِشاوَةٌ ستر عظيم وغطاء كثيف لا يمكنك رفعها بل وَلَهُمْ فيها عَذابٌ عَظِيمٌ هو عذاب الطرد والبعد عن ساحة عز الحضور في مقعد الصدق ولا عذاب أعظم منه وبالجملة أولئك الأشقياء المردودون هم الضالون في تيه الحرمان الباقون في ظلمة الإمكان بأنواع الخيبة والخذلان أعاذنا الله من ذلك
وَمِنَ النَّاسِ الذين نسوا العهود السابقة التي عهدوها مع الله في مبدأ الفطرة مَنْ يَقُولُ قولا لا يوافق اعتقادهم وهو انهم يقولون تزويرا وتلبيسا آمَنَّا واذعنا بِاللَّهِ الذي انزل علينا الكتاب والرسول وَقد أيقنا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ الموعود به لجزاء الأعمال وَالحال انه ما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ موقنين بهما في بواطنهم
بل ما غرضهم من هذا التلبيس والتزوير الا انهم يظنون انهم يُخادِعُونَ اللَّهَ المحيط بجميع أحوالهم وأفعالهم مخادعتهم مع آحاد الناس تعالى عن ذلك وَايضا يخادعون الموحدين الَّذِينَ آمَنُوا باحاطة الله بتوفيقه والهامه وانما خادعوا بما خادعوا وقالوا ما قالوا حفظا لدمائهم وأموالهم منهم وَهم لم يعلموا انهم ما يَخْدَعُونَ بهذا الخداع إِلَّا أَنْفُسَهُمْ لان الله سبحانه ومن هو في حمايته من المؤمنين أجل وأعلى من ان ينخدعوا منهم فثبت انهم ما يخدعون بهذا الخداع الا أنفسهم وَما يَشْعُرُونَ بخداعهم وانخداعهم
لأنه كان فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ اى غشاوة وغطاء مختوم على قلوبهم لا ينكشف الا بكتاب الله المنزل على رسوله صلّى الله عليه وسلّم ولما لم يؤمنوا به ولم يلتفتوا اليه عن ظهر القلب بل كذبوا رسوله المنزل عليه كتابه فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً غشاوة وغطاء لأجل ذلك احكاما لختمه وتأكيدا لحكمه وَلَهُمْ مع ذلك في يوم الجزاء عَذابٌ أَلِيمٌ مؤلم وهو ابعادهم وطردهم عن ساحة عز الحضور كل ذلك جزاء بِما كانُوا يَكْذِبُونَ ويقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم تغريرا وخداعا
وَمع ظهور حالهم وخداعهم عند الله وعند المؤمنين إِذا قِيلَ لَهُمْ امحاضا للنصح لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بتكذيب كتاب الله ورسوله المنزل عليه حتى لا تخرجوا من مرتبة الخلافة لان خلافة
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 21